ورقة مقدمه من: جورج شفيق حنضل
امريكا اللاتينية – السلفادور
حزيران / 2009
بداية أتقدم بأحر السلامات الأخوية والثورية من كل الحضور ، وخاصة التيار الوطني الديمقراطي التقدمي في فلسطين شاكرا لكم هذه الفرصة التي منحتموني إياها لمشاركتكم تجارب اليسار في السلفادور ضمن إطار الكفاح والنضال لشعب السلفادور للوصول إلى الديمقراطية والتقدم والازدهار والعدالة وعدم الإقصاء ضد الأنظمة الديكتاتورية والسلطوية لليمين والذي خلال 188 سنة منذ تأسيس الدولة السلفادورية والاستقلال على اسبانيا والذي خلد في السلطة طبقة اجتماعية واحدة أخضعت الدولة وكل النظام القضائي لمصالحها ورغباتها الخاصة.
في السلفادور تم مواصلة الكفاح والنضال الاجتماعي المنظم للشعب السلفادوري خلال أكثر من 79 سنة ، وخلال هذا الوقت تم دفع الثمن الغالي مقابل التحولات التي نفتح الباب أمام التطور ولمشاركة الاجتماعية والتمتع الكامل بالحقوق الإنسانية والحياة الشريفة بما يقرب من 100000 قتيل ومفقود وعدد غير محصي من السجناء السفا دورين في السجون التابعة للأنظمة الظالمة على مدار التاريخ حيث تعرض هؤلاء المساجين لشتى أنواع التعذيب بسبب مقاومتهم ونضالهم من اجل الحصول على دولة أفضل والتي تعترف بهؤلاء كأشخاص أحرار وليس كعبيد لخدمة الطبقة الاقتصادية القوية والمحمية من قبل القوات المسلحة والتي من خلال ذريعة الحفاظ على الديمقراطية قاموا بالقتل والتعذيب وتغييب هؤلاء المناضلين من اجل الحرية .
إن الفرصة التي حصلنا عليها بوصولنا إلى السلطة التنفيذية بعد فوزنا في الانتخابات الأخيرة والتي جرت بتاريخ الخامس عشر من شهر آذار من العام الحالي تؤثر في حياة كل السفادورين والسفادوريات ، وكذلك فان طريق الوحدة لليسار السلفادوري قد تأثرت دائما بهذه الأحداث.
أن الحزب الشيوعي السلفادوري والذي تأسس بتاريخ 30 من شهر آذار سنة 1930 والذي كان خلال 40 سنه المناضل الوحيد في ساحة اليسار في هذه الدولة ، فقد بدأت في عقد الستينات تشكيل الخلايا الأولى ولاتي أفضت إلى المنظمات المسلحة التي تبعت المثال الكوبي في الثورة المنتصر في تلك الفترة والذي مثال إتشي جيفارا في بوليفيا ومدعومة هذه المنظمات بالنظرية المسماه التركيز على حزب العصابات والتي نادى بها ريخيس دبراي والذي سبب الكثير من الجدل والنقاش في داخل الحزب الشيوعي السلفادوري . كل ذلك أدى إلى الضغط باتجاه استخدام السلاح في هذا النضال ، حيث وكما عرفوها وقتها فان الطريقة السلمية والمتمثلة بالدخول في الانتخابات والتي بدأت منذ سنوات الستينات في البلاد ، والتي منذ بدايتها كانت مصحوبة دائما بالتزوير وتغيير النتائج الحقيقية بحيث انه في كل مرة كانت القوى اليسارية تدخل الانتخابات وكان الفشل المسبق حليفها ، حيث أن هذه الانتخابات وتحت ذلك النظام كانت ولا زالت لحماية الطبقات المتحكمة لضان امتيازاتها وأعمالها بواسطة الحكومة واضعين القوانين التي تتماش مع رغباتهم وحاجاتهم.
في هذا السياق تم تقسيم القوى اليسارية إلى قوى يسارية متطرقة وقوى يسارية انتخابية ، وهذا كان تعبير للجدل الكبير السائد في تلك الفترة على مستوى العالم بين القوى التقدمية اليسارية ، فقد كان الحديث عن الطريق العنيفة ( المسلحة) والطريق الهادئة (الانتخابية) والذي أدت إلى حدوث المواجهة بين المنظمات اليسارية السلفادورية والتي أدت في بعض الأوقات وأودت بحياة أعضاء من هذه المنظمات متذرعين بحجج المدسوسين ومثيري القلاقل بالنسبة لخط المنظمة ( مثال على ذلك هو قتل الشاعر الثوري روكي دالتون ديل بانشور ، لقد قام الحزب الشيوعي السلفادوري من خلال جريدته الصوت الشعبي حاول نقل الجدل الإيديولوجي حول الطريق العنيفة والطريق الهادئة إلى الواجهة العامة ، فقد كتب المفكرون الإيديولوجيين الكثير الكثير من المقالات والنشرات حول ولصالح كل واحدة م هذه الطرق ، ففي حالة السلفادور ، قرر الشعب انه مستعد للتنازل عن طريق الانتخابات عندما اقتنع بعد التجربة الخاصة أن هذه الطريق لم يكن متاحا له ـ، لان مصالح الطبقة العليا السلفادورية والمحمية من قبل القوات المسلحة كانت فوق أي ضغوط للمشاركة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ، وكذلك لان هذه الانتخابات كانت دائما بالتزوير في كل المستويات "ويشمل ذلك انتخابات رؤوساء البلديات والنواب ، وعندما كانت أحزاب اليسار تفوز بالانتخابات ، فلم يكن مقبولا لدى الطبقة العليا أن يفوز أي حزب لا يمثل مصالحها ويحميها ، وعندها فقط وبناءا على ما ذكر قرر الشعب السلفادوري حمل السلاح ومحاولة الحصول من خلالها على ما لم يكن ممكنا من خلال صناديق الاقتراع ، ومع ذلك لم يميل الشعب إلى منظمة ثورية واحدة وإنما احتضن كل الحركات التي أبدت استعدادها لمشاركة الشعب في قراراته . أن تطور لنضال من مرحلة الحرب الشعبية الثورية وبعد ذلك في النضال الانتخابي أثبت أن كل نضال أو كفاح عندما يكون صادقا يكون عنيف ، لأنه يهدف إلى القضاء على نظام الإقصاء ونظام الشمولية الموجود ، وعندها تكون قوى اليمين المهزومة وبناءا على حساباتها الخاصة ملزمة بمعارضة ومحاربة التغيير باستخدام الوسائل العنيفة أم لا . أن النضال الشعبي لأي شعب للحصول على حقوقه هو واحد فقط ، لا يوحد طريقان للوصول إلى الحكم ، وإنما يوجد فقط طريق واحد للنضال من اجل الديمقراطية ومصالح الطبقات المظلومة والحرية ومن اجل تقرير المصير ، وهذا النضال يمر بعده مراحل طبقا للظروف ولاحتياجات الشعب في مواجهته لأعدائه ، وعلى قوى اليسار التي تعيش هموم شعوبها أن تصاحبها في قراراتها.
إن هذا الاستنتاج الذي نقدمه لكم ليس بضفتنا مناضلي اجتماعيين كنا نستشعر احتياجات شعبنا في كل مرحلة فحسب وإنما بصفتنا رفاق متواضعين ومقتنعين بأن وحدة قوى اليسار التقدمية هي دعامة الثقة التي يحتاجها الشعب للنضال من اجل حقوقه . وبالطبع فان هذه الوحدة لن تكون خالية من النقاشات والجدل في داخلها ، لان العدو المهزوم لن يحاول لعق جراحه فقط وان سيحاول وبشكل سريع إعادة تنظيم قواه والانتقال إلى مرحلة الهجوم ، ومن الضروري أن تجمع قوى اليسار والقوى التقدمية معرفتها وهمها لكي لا تخسر النضال ، وان لا تكن فريسة سهلة للحول السريعة والمتمدنة التي يطرحها اليمين ولا مغريات السلطة ، وفي هذا السياق فان تنظيم وتقسيم المناطق والانتظام ووحدة القوى الثورية هو عامل أساسي . أن كل هذه الصفات للقوات الثورية لا تأتي بقرار من القيادة الوطنية إنما تظهر من القاعدة وباتجاه الأعلى ومن أطراف المنظمات ، وهذا يعني في كل مستويات المنظمات وهذا يكون كنتيجة لجدل حاد حول هدف المواصفات ولكن دون الوصول إلى درجة الفئوية أو التطرف، وإنما بواسطة المسؤولية والإبداع والتفاني ، بكلمات أخرى نتحدث عن الصفات الكبيرة التي يجب أن تتصف بها قوى اليسار والقوى التقدمية ، أن تجربتنا تبين لنا أن هذه الصفة الأساسية والتي تقوى المنظمات واكرر تنتج ثقة الشعوب في قواها لكي تواجه أعداءها.
ألان نحن في السلفادور منكبون على مهمة بناء طرق تطور وتقدم للبلاد والتي تعطي أجوبة فعالة لكل آمال الشعب السلفادوري لحاضره ومستقبله وذلك في إطار الأزمتين الداخلية والتي تغذيها قوى اليمن والتي خلال سنوات من هجر الشعب واحتياجاته والتي تجمعت مع مرور القوت مثل طنجرة الضغط التي تبحث عن مخرج سريع من الوضع الحالي ، والأزمة الدولية المتثلمة بتربص الدوائر الاقتصادية والسلطوية في الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على موقعها كالقوة العظمى الوحيدة في العالم والتي تتحكم بالكون طبقا لمصالحها واحتياجاتها . وهذا النظام لا يتعب من فرض شروطه الاقتصادية على كل العالم ونتيجة لهذه السياسة الاقتصادية فقد جرت العالم بأسره إلى الأزمة الاقتصادية الأكبر في التاريخ والتي حتى الآن لم تصل إلى نهايتها والتي في آخرها سيكون هناك تقسيم السوق العالميةومتجنبة الحديث عن الإدارة السيئة لموارد البلاد والتي استخدمت لإشباع مصالح وأهداف الطبقة الحاكمة وليس لخدمة مصالح الشعوب . وهنا وفي هذا السياق يجب أن تظهر حكمة قوى اليسار والقوى التقدمية بحيث لا تسمح آن تطبق وصفات مأخوذة من النظام الليبرالي الجديد والتي تعرضت للهزيمة مسبقا ، ولكنها أدت دورها الأساسي في تركيز الثروات في أيدي فئة قليلة من رؤوس الأموال مما زاد في الهوة بين الأغنياء والفقراء . ويجب العودة إلى تضامن الشعوب فيما بنيها للدفاع عن مواردها الطبيعية والتي على استعداد لتأسيس نظام جديد في التجارة بين الشعوب والذي يؤسس على مبادئ الاحترام والمساواة والمنفعة المشتركة.
وعليه فان النضال من اجل وحدة اليسار لا ينتهي ابد ، حتى ولو وصل إلى السلطة ، ولكن يتم تغيير المسرح، ويبقى اليسار العامل الأساسي والذي يؤكد على استمرار مسيرة الشعوب في الطريق الصحيح من النضال أي كان نوعها طبقا للاحتياجات الخاصة .
لا توجد وصفات للوصول إلى الوحدة ، ولكن توجد مبادئ أساسية وعالمية دون أهمية المكان الذي يتم فيه هذا النضال . شفيق حنضل والذي يعتبر القائد الأول في الشعب السلفادوري في أعماله حول وحدة القوى الثورية والتقدمية أكد على هذا المبدأ : أن كل شعب يجب ان يحدد سبل الوصول إلى وحدة اليسار ، ولكن يجب تقديم أولا مصالح الشعب على مصالح المنظمات دون الوصول إلى الفئوية والمذهبية ، وبالتحلي بعنصر المبادرة وعدم الخوف من الطرق الجديدة التي تكون نتيجة جدال ونقاش حاد ومسؤول ، وآخذين بالحسبان المخاطر التي تجلبها هذه الطرق وعدم البحث عن مذنب في كل خطأ وإنما يجب معرفة أسباب هذا الخطأ ومهاجمة جذور الأخطاء بقول قوة وطاقة .
يحيا الشعب الفلسطيني ويحيا نضاله من اجل أرضه وهويته وتقرير مصيره
يحيا مسيرة وحدة قوى اليسار والقوى التقدمية
حتى النصر دائما
وشكرا جزيلا