التيار الوطني الديمقراطي التقدمي
ورقة مقدمه من: عصام العاروري
حزيران / 2009
الضيوف الكرام
الرفيقات والرفاق، الصديقات والأصدقاء
اسعدتم أوقاتاً وبعد :
ترددت وتأخرت كثيراً في اعداد هذه الورقة، كي أتجنب التكرار مع أوراق أخرى، وكي لا أكتب كلاماً انشائياً يعكس أمنيات جميلة أو لا يضيف جديداً .
فنحن، سواء في اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر، أو اللجنة التحضيرية للتيار الديمقراطي التقدمي، نشطاء من مشارب مختلفه، بعضنا ترك موقعه التنظيمي في هذا الحزب أو ذاك، وبعضنا الآخر ما زال عضواً اسمياً أو فعلياً أو ربما في هيئه قيادية لحزب ما، وبعضنا الثالث لم يكن في ايما حزب سابقاً.
كثيرون منا عملنا ضد بعضنا بعضاً، تنافسنا بوسائل شريفة وربما غير شريفة احياناً ، واصابتنا عدوى الفئوية بدرجات مختلفة، فالفئوية في حركتنا الوطنية قد تفسر أنها من قبيل الانضباط الصارم أو التحزب، وربما يكون المصاب بها أكثر قابلية للإرتقاء في المراتب القيادية، ولكن هذه الحالة جزء من أسباب الاغتراب المتنامية لدى قطاعات واسعة من كوادر القوى المصنفة بأنها يسارية في فلسطين، والذين تشتت قسم كبير منهم اسوة بالمثقفين الثوريين في هذا الوطن، الذين ضاقت بهم سبل العيش، ومنهم من سعى هو أو حزبه للالتحاق بوظيفة ما في أجهزة السلطة، وهذا حق لهم كمواطنين ولكنه جاء غالباً كجزء من انخراط اليسار بحثاً عن حصة في النظام الزبائني الذي تطور بعد أوسلو ونشوء السلطة، في حين أن البعض الآخر وجد ملاذاً في المنظمات غير الحكومية، التي أوغل البعض بعد الإنخراط فيها في المبالغة بالابتعاد عن العمل السياسي لأسباب مختلفة، في حين تعرض بعض ثالث للإنسحاق على المستوى المجتمعي وكانت النتيجة تغريب جزء كبير من هؤلاء عن هموم الشعب ونضالاته، بل أن الفئتين الأوليين باتت تفصلهما عن هموم الناس حواجز وحواجز، وحتى اولئك الذين حافظوا على مواقع ما في الأطر الشعبية مثل اتحادات العمال والمرأة والطلبة وغيرها،انما دخلوها من باب المحاصصة التي هي أحد أوجه النظام الزبائني، باعتبار الزبائنية حاضنة الفساد وسوء الأداء وغياب العدل وتشويه مبدأ المواطنه، وهؤلاء ورغم اشغالهم مواقع قيادية في اتحادات يفترض أنها تمثل قطاعات مجتمعية الا أن غربتهم تعمقت عن القطاعات التي لم يعد أحد يمثلها، وباتت التيارات الدينية ملاذ الساخطين على الفقر والتهميش مع نشوء الأغنياء الجدد ومنتجات الفساد بشتى صوره وأشكاله.
أجل نحن من هذه المشارب، ولكن ما يجمعنا هو السخط على حاله التهميش هذه والتي ينتج عنها تراجع التأثير والوزن، بحيث بات دور كل من يقع بين الفئتين الأكبر في مجتمعنا، اللتين تسببتا في اقتتاله وقادتاه عبر معارك خاسرة، بات هذا الدور يقتصر على التمني على تينك الفئتين أن تتصالحا، مع أن الحديث لا يدور عن مصالحة مبنية على المساءلة، بل عن إعادة تقاسم الوطن ومقدراته، ولذلك وفي حين كان هناك حرص شكلي على مشاركة واسعة في اطلاق حوارات القاهرة فإنها عادت اليوم لمساومات ثنائية لإعادة تقسيم الوطن المقسم وفق توازنات القوى الناشئه جراء توظيف قوتي القمع والمال المدعومة اقليمياً ودولياً ، لدرجة باتت معها استقلالية القرار الفلسطيني كذبة كبرى.
إن ما يجمعنا هو السخط على حالة انعدام الوزن والتأثير، والقلق على مستقبل بناتنا وأبنائنا الذين يترعرعون في أجواء لا تمنحهم أي وعد بمستقبل آمن وحياة كريمة، في وطن يزداد اعتماداً على المنح الانسانية لمجرد البقاء على قيد الحياة، ومجتمع يعاني من فرض قيود متزايدة على حرياته، بحث أصبح شعر الفتاة ولباسها اعباءاً عليها، ويمكن أن ترسب في المدرسة أو الجامعة إذا لم تلبس زياً معيناً، لم يكن يوماً زينا التقليدي وليس جزءاً من حضارة هذا الشعب ، كما وأصبح المحظوظ من شبابنا هو من تفتح له أحدى السفارات الاجنبية أبواب الهجرة هرباً من واقع مؤلم ومستقبل لا يحمل لهم وعداً.
اننا نؤمن أن شعبنا يستحق خياراً غير الاستبداد والفساد، وهما وجهان لعملة واحدة يتبادلان المواقع، بينهما خيط دقيق ، ان ملخص فكرتنا يقوم على فرضية أن مستقبل شعبنا يتطلب وحدة كل التقدميين والعلمانيين، وأن ما يعيق ذلك هو المصالح الذاتية لفئات بيروقراطية تستفيد من حالة التشتت والتشرذم، وهي حاضرة بقوة، ولها مصلحة قصيرة المدى أن تبقى الامور على حالها، وكل من هو ليس أسير هذه الحالة له مصلحة كبرى، بل مصيرية، لبناء كتلة كبرى من أجل التغيير، تكسر الحواجز الفئوية المصطنعة والتي باتت تحمي المصالح البيروقراطية.
وحين تجمعنا معاً وبدأنا حواراتنا سئلنا العديد من الأسئلة وكان منها:
1. هل تسعون إلى تأسيس حزب جديد، وهل ينقص الساحة الفلسطينية أن تكونوا رقم 13 أو 17 وأعذروني لأني أجهل الرقم؟
2. هل أنتم واجهة لحزب ما يحاول الالتفاف على جمهور المستقلين وأن يخدعهم؟
3. هل أنتم قوة ضغط على القوى لمحاولة دفعها من أجل التوحد؟
4. لماذا لدى العديدين منكم انتماءات مزدوجة، من حيث كونهم أعضاء في تنظيمات قائمة؟
5. هل أنتم حردانين من التنظيمات وتبحثون عن مواقع لكم خارجها؟
اننا حقاً نملك هدفاً، وإذا كانت ليست لدينا اجابات على كل شيء ، لأن عصر الأجوبة الجاهزة والمعلبة وعصر القيادات التي تقطر حكمة وتوزعها على الاتباع قد ولى، الا اننا نملك أجوبة على الاسئلة أعلاه، وجميعها بالنفي، فنحن لا نسعى لأن نكون الفصيل الثالث عشر أو السابع عشر، وشعبنا كما تظهر استطلاعات الرأي قد مل الموجود ولا تنقصة الشرذمة ولديه أكثر مما يحتمل.
ونحن قطعاً لسنا واجهة ولا أداة ولا يرضى أي منا أن يكون كذلك، علماً بأن أصحاب هذه النظرة لا يرون في الشعب غير ادوات تسخر، وليس شريكاً وليس مصدراً لا ينضب من الطاقات المبدعة.
كما لا نرضى أن نكون مجرد أداة ضغط، ينتهي دورها بالنجاح أو الفشل.
اننا نسعى لبناء الجديد استناداً إلى التراث اليساري والتقدمي لعشرات، بل مئات الآلاف، من بنات وأبناء هذا الشعب، ومنه كل ما هو ايجابي في تاريخ القوى اليسارية الفلسطينية، ولكن قبل أن يتلاشى هذا التاريخ، والذي نحن جزء منه وشركاء فيه، بايجابياته وسلبياته.
اننا نرى علينا واجباً أن ننقل الشعلة إلى الأجيال الجديدة وأن نمنحهم أملاً .
اننا نعتقد بأن الطريق إلى ذلك ليس سهلاً، ويجب أن يبدأ بدفع الثمن الضروري لكسر النظام البوليسي، والانسلاخ عن الزبائنية والمحاصصة، والنضال من أجل حقوق المواطنين لا من أجل حقوق قيادة هذا التنظيم أو ذاك.
اننا بحاجة إلى اطلاق حراك شعبي واسع لاستعادة مشاركة الناس في مقاومة جماهيرية منظمة وطويلة الأمد ضد الاحتلال، مستعدة لدفع القدر الضروري من التضحيات ولكن ليس من أجل المتاجرة بالدم، وأن نقول كلاماً واضحاً حيال ما يجوز وما لا يجوز من أساليب المقاومة وأن نميز بين المقاومة وبين المتاجرة بدماء الناس وعذاباتهم، وأن نرفد كل ذلك بحملة مناصرة دولية من أجل فرض العزلة على الاحتلال العنصري، باعتبارنا جزءاً من حركة ثورية عالمية بحاجة إلى اعادة بلورة وبناء في مواجهة الامبريالية.
كما نحتاج إلى التمسك بشجاعة بالمثل التقدمية وأن نرفض الوصاية على أخلاق الناس ولباسهم وطعامهم وشرابهم وحرياتهم الفردية في التعبير والقول والابداع، وأن لا نجبن ونتخاذل في المعارك الاجتماعية.
نعم اننا نعمل من أجل كل هذا، ومستعدون للسير مع من هو جاهز لذلك، ولا نرهن حركتنا بالاجماع لانها لن تكون كذلك ولن نضع حركتنا رهناً لاتفاق الفصائل، وإلى أن يحسم كل أمره نقبل إزدواجية العضوية، حيث أن يدنا ممدودة لكل من يؤمن ويعمل من أجل هذه القيم.
No comments:
Post a Comment