ورقة مقدمه من: جويلوم ليغارد
اوروبا – فرنسا
حزيران / 2009
ليغارد، من عضو سابق في المكتب السياسي للعصبة الشيوعية الثورية إلى عضو منتخب للمجلس السياسي الوطني للحزب المناهض للرأسمالية أثناء إنعقاد المؤتمر التأسيسي. وهو عضو أيضاً في اللجنة الدولية للأممية العالمية.
في الخامس من شباط، عملت العصبة الشيوعية الثورية على حل نفسها سياسياً، وأنعقد بعد ذلك بثلاثة أيام تحديداً المؤتمر التأسيسي للحزب المناهض للرأسمالية. ضم هذا الحزب الجديد لحظة تأسيسه 9،123 عضواً موزعين على 467 فرع محلي في فرنسا. شارك حوالي 5،900 عضو في المؤتمرات المحلية المختلفة التي أعدت لإنعقاد المؤتمر الوطني، وغن دل هذا لأمر على شيء إنما يدلل على الشخصية الفاعلة التي تميز الحزب الجديد. ولتكتمل الصورة لا بد من الإشارة إلى أنه يوجد للحزب المناهض للرأسمالية نظراء خارج نطاق العاصمة الفرنسية خاصة في جزيرة رييونيون، وكذلك في المناطق الغربية الفرنسية.
كان تأسيس الحزب الجديد المناهض للرأسمالية بمثابة حدث هام ليس فقط لفرنسا ولكن لجميع القوى المناهضة للرأسمالية في العالم. برهن مؤتمر الحزب المناهض للرأسمالية لجميع الذين ساورهم الخوف من أن هذا الحزب سيكون مجرد نسخة عم العصبة الشيوعية الثورية تحت مسمى آخر أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. إننا نرى تغيراً على مستوى الطبيعة والنطاق، ولكن يبقى الحزب المناهض للرأسمالية إمتداد بشكل آخر للكفاح من أجل تحرير الإنسانية.
مشروع ناتج كثمرة لتحضيرات طويلة الأمد.
ليس من غير الضروري التحقق من الأسباب التي دت إلى الإنطلاق في عملية بناء حزب جديد والقيام بشيء ير عادي كحل العصبة الشيوعية الثورية بعد 40 عام من الوجود، ووجودها بحالة هي الأفضل من حيث رأسمالها السياسي التراكمي، وعضويتها، ومناصريها.
السبب الأساسي يتمثل بحالة اللاتوازن بين الوضع السياسي، والصراع الطبقي في فرنسا ومدى تأثيره على المستوى الإنتخابي من جهة، وضعف الحقيقة التنظيمية لليسار الثوري المناهض للرأسمالية التي قادتنا إلى القيام بهذه الخطوة من الجهة الأخرى. نقطة الإنطلاق لتعديل حالة اللاتوازن وتقديم رؤية سياسية واضحة وعلى مستوى التوترات الحاصلة كانت هي المسألة الرئيسة في هذا المضمار.
دون العودة إلى الماضي البعيد، يمكن القول ومنذ عام 2002 أن السياسات المناهضة للرأسمالية عبرت عن ذاتها بشكل جلي، وبالرغم من إنتشارها، كان لا د من البحث عن بديل سياسي.
في الإنتخابات الرئاسية لعام 2002، صوت ما يقارب الثلاثة ملايين شخص، أي ما يعادل 10% لمرشحي الريت لاجويلر من منظمة النضال العالمي (لوت أوفرير) وأوليفر بيسان سينوت من العصبة الشيوعية الثورية.
وفي عام 2003 عم الإضراب العديد من القطاعات المدنية لمدة ثلاثة شهور إحتجاجاص على صلاح نظام التقاعد. وبالرغم من صمت الأحزاب الإشراكية التي دعمت بشكل أساسي هذه الإصلاحات، بالرغم أيضاً من سلوك غالبية قيادة الإتحادات النقابية، تحول هذا الإضراب إلى إضراب عام. وللحؤول دون تصاعد وتقارب الصراعات السائدة بتلك الفترة، بالتالي تعميمها، كان من الضروري لإتحاد النقابات الفرنسية البدء بإضراب للمواصلات واسع النطاق.
وفي عام 2005 مع معارضة 55% من نسبة المصوتين لإتفاقية الدستورية الأوروبية، وفي سياق الحملة الكفاحية الوحدوية لعب موقف اليسار الرافض دوراً هاماً للغاية.
وفي عام 2006، أنتصر الإضراب الذي نظم ضد محاولة فرض عقود عمل متدنية الأجر على الشباب. الشباب هم الذين نظموا بشكل أساسي عملية التعبئة، وفي اللحظات الحاسمة تلقوا دعماً عاماً من الحركة العمالية حيث أعلنت حالة التعبئة والإضراب يوم واحد.
ويضاف إلى هذه العناصر مجتمعة حالة التطور التي شهدها الحزب الإشتراكي وإلتقائه الكامل مع الليبرالية الإشتراكية وكذلك تكامله مع المؤسسات البرجوازية الوطنية والدولية على السواء، خاصة منظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، برئاسة الإشتراكيين الفرنسيين باسكال لامي ودومنيك ستروس كاهن على التوالي. كانت الفترة الممتدة ما بين 2002- 2007 بالنسبة للعصبة الشيوعية الثورية فترة فولذة إلى درجة يمكن القول فيها فترة تراكم بدائية. ومع إقبال المناصرين لها بشكل كبير في عام 2002، أرتأينا فتح باب المنظمة على مصراعيه أمام جمهورنا. لم يكن ذلك أمراً سهلاً حيث محاولاتنا السابقة من هذا القبيل واجهت مصاعب كبيرة، إلا أن ذلك أعدنا لعمل ما نقوم فيه اليوم والتحرك نحو أمور أكبر، وذلك أن إعتبار إزدياد عدد الأعضاء من 1500 إلى 3000 خلال هذه الفترة نجاح محقق بالنسبة لنا، يبدو أمرَ واهن بالمقارنة مع الفضاء السياسي الذي تمتعنا فيه سابقاً.
وفي ظل الإمكانيات التي عبرت عنها عمليات التعبئة الإشتراكية ، وعدد الداعمين لنا في الإنتخابات الرئاسية الذي بلغ 1.2 مليون عام 2002، و1.5 مليون عام 2007، نلاحظ فرقاً كبيراً بين ما كنا وبين ما نمثل. يمكن أن يكون هذا التناقض مرحلي دون مبادرة من جانبنا، وجمهورنا الذي سيخذل بحقيقتنا ليس نحن.
المحفز كان نتائج إنتخابات الرئاسة عام 2007، وذلك أن نيكولا ساركوزي شكل نقطة تحول في الوضع السياسي. انتخب بما يقارب 53% من مجموع الأصوات، والهم انه أنتخب بعد حملة يمينية حصلت على أصوات من مناصري الجبهة الوطنية اليمينية. والحزب الإشتراكي الذي تغيب عن الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية عام 2002، أستفاد، بدوره، من إنعكاس "الأصوات المفيدة" وشخص مرشحه سيغولين رويال، إلا أنه فشل في إقتناص القضية الأساسية في هذه الإنتخابات وهي قضية شراء القوة. حققنا نجاحاً نسبياً بالحصول على 1.5 مليون صوت (4.1%) إلا أن الأمر الأكثر أهميةً هو ما أصاب مرشحي الحزب الإشتراكي عندما حصل مرشح الحزب الشيوعي على 1.9% من الأصوات مقابل 1.4% لصالح لوت أفرير.
في ظل هذه الظروف آخذين بعين الإعتبار السياق السياسي والإجتماعي ، ولأنه حصلنا على النتيجة الأفضل، نتحمل نحن قيادة العصبة الشيوعية الثورية مسؤولية خاصة.
إن تجربة لوت أوفرير تعتبر أيضاً تجربة بالغة الأهمية. ففي عام 1995، وعام 2002، أجتاز مرشحها 5% من الأصوات ---ومن ثم لا شيء. وعند نقطة محددة، لا بد من إن تجد التوقعات التي أثيرة بدايةً للإجابة عليها، لأن الفشل في ذلك سترتب عليه أثمان باهظة. وللحفاظ على وضعك، لا بد من البحث عن بديل، قوة جماعية تقوده، أي بإختصار لا بد من وجود حزب.
وهذا الحزب لا يمكن أن يكون العصبة الشيوعية الثورية وذلك بسبب هويتها التاريخية التروتيسكسة، وحقيقة أنها نتاج مفاهيم محددة تعود إلى السبعينيات تحدد كيف يجب على منظمة يسارية أن تكون. وبالرغم من التغيير الذي شهدته، إلا أنها لم تجيب على التحدي الحالي. في حزيران عام 2007 خلال لقائنا مع القيادة الوطنية، تحملنا مسؤولياتنا بإطلاق مناشدة لصياغة نظام للحزب الجديد المناهض للرأسمالية.
مناشدة
الإرادة لبناء حزب جديد ليست جديدة. شهد العام 1992 برنامجاً جديداً، وحزباً جديداً، تلك هو المشروع الذي بنيناه. ولكن ظلت الرؤية مجردة، وبدأنا البحث عن شركاء كخطوة تمهيدية لأي شيء قادم.
وبإطلاق هذه المناشدة، قمنا بتحديد خيارنا الشجاع الذي يعتبر بشكلياته سابقة هامة.
بدايةً من حيث محتوى المشروع، فقد تركزت المناشدة على توجه مناهض للإمبريالية. والخطوة التي تلت ذلك كانت محاولتنا خلق ظروف تمكننا جمع الأشخاص داخل الحزب الذين لم يفقدوا إرادتهم من قلب النظام. ولوضع حدٍ لهذا النظام القائم على الإستغلال، والهيمنة، وتخريب مصادر الكون، فهذا هو الرد الذي وضعنا أسسه.
هناك مشاريع أخرى بالتأكيد ليسار الحزب الإشتراكي، ولكن الأمر الأهم يتمثل في الأوجه البرامجية المتعلقة فيه، وهو مسألة عقد التحالفات، والمشاركة أو عدمها في إدارة المؤسسات البرجوازية، وكذلك الليبرالية الإشتراكية التي تعتبر أساساً للمشكلة.
النتيجة الطبيعية، أو الترجمة العملية لمناهضة الإمبريالية تتمثل بالإستقلالية التامة بالنسبة للحزب الإشتراكي. وهذا يعني تحديداً رفض أي إتفاقية للمشاركة في الحكم في إطار المؤسسات البرجوازية مع الحزب الإشتراكي. وينطبق هذا بلإضافة إلى المستويات الحكومية على الدوائر والأقاليم ذات الصلة.
يعتبر هذا الموقف، كما نعلم، سبب في الحرب للعديد من المنظات التي تؤكد مواقفها المناهضة لليبرالية. وهذه الحالة تنطبق تحديداً على الحزب الشيوعي الفرنسي. ففي عام 2009 في الإنتخابات الأوروبية، سيطرح قائمة مع حزب جين لوك ميلينشون (1) اليساري على أسس غير كافية. ومن أجل الحفاظ على مواقعه البلدية في السنة الماضية، طالب بعقد إتفاقية منظمة مع الحزب الإشتراكي حتى إن تطلب ذلك في العديد من المدن قبول إتفاقية مع موديم (2). ويعلن بالوقت ذاته مطالبته بعقد إتفاقية مع الحزب الإشتراكي بخصوص الإنتخابات الإقليمية لعام 2010. ويجب أن يذكر أيضاً أنه سيشارك في السلطة التنفيذية الإقليمية ضمن مواقع ثانوية في سبعة عشر إقليم من أصل 22 إقليم.
وفي ضوء التجارب العالمية كما في البرازيل، وإيطاليا، أو ببساطة بالنظر إلى الموازنات الكارثية في التحالفات الحكومية المختلفة في فرنسا (إتحاد اليسار (1981-1984، اليسار المتعدد 1997-2002)، يعتبر هذا الإستقلال بالنسبة للحزب الإشتراكي حماية ضرورية بالمطلق. ولكن لهذا الشرط المسبق يوجد بالتأكيد نتيجة واضحة ألا وهي أنه لا يوجد في المجال السياسي ليسار الحزب الإشتراكي في فرنسا شركاء وطنيين لتنفيذ هذا المشروع إلى جانب العصبة الشيوعية الثورية. وذلك بسبب الإعتماد على الحزب الإشتراكي كما هو الحال مع العصبة الشيوعية الثورية وذلك بسبب الإعتمادية على منظمة النضال العالمي. إن وضع الحزب الشيوعي الفرنسي في السنوات الأخيرة لم يكن عادياً حيث أظهر إنتهازية غير محدودة في الإنتخابات البلدية لعام 2008 وذلك بهدف الوصول إلى إتفاقيات من أسوء ما يكون مع التيارات الديمقراطية الإشتراكية الفرنسية التي تؤسس للإنتخابات الأوروبية وتؤكد التيار الماركسي الثوري ملتصقةً بهدف واحد وهو بعدها عن العصبة الشيوعية الثورية بالأمس أو الحزب المناهض للرأسمالية اليوم.
غياب الشركاء أمر لا نتمناه لأن وجود منظمة اخرى مستعدة للإلتزام سيجعل الأمور أسهل بكثير بالنسبة لنا.وإنطلاقاً من قناعتنا بالضرورة السياسية والإمكانيات المتوفرة للقيام بخطوة للأمام، قررنا أن لا نجعل إطلاق هذه العملية مشروطاً بوجود أي إتفاقية مع هذه المنظمة أو تلك، بل بالبدء بعملية البناء من القاعدة نحو القمة.
يعتبر هذا الأسلوب تغيرَ في طريقة العمل فيما يتعلق بالسياسات السابقة للعصبة الشيوعية الثورية وذلك من أجل إخراج الحركة العمالية من الأزمة. كما يرتبط هذا الأسلوب بالتطور الحاصل على مستوانا من حيث موقعنا بين القديم والجديد، وبين إعادة التركيب وإعادة البناء للحركة العمالية. ليست المسألة إيجاد سجل نظيف للماضي. ويمكن للعديد من القطاعات السياسية، والنقابية، والتشاركية دعم بناء حزب مناهض للرأسمالية. يمكن ذلك شريطة أن لا تمنعنا حالة الخمول التنظيمية من التحرك إلى الأمام وأن لا يؤثر الماضي سلباً على الحاضر. ومن أجل شيءِ جديد، من الضروري توفر قوى جديدة، وهذا بيت القصيد في المناشدة التي أطلقناها. إن الأعمال التعبوية التي أنطلقت خلال السنوات السابقة تعكس وجود قوى مستعدة لإلزام ذاتها، ووجود طبقة جديدة من النشطاء وأخرى من الطبقة العاملة. بهذه المناشدة التي أطلقناها، جعلنا الأمور أسهل نحو القيام بخطوات ملموسة لبناء أول بديل سياسي.
تجارب أولى، وتوافق جماعي داخل العصبة الشيوعية الثورية.
أظهرت الفترة ما بين حزيران 2007، وحتى إنعقاد المؤتمر السابع عشر للعصبة الشيوعية الثورية في كانون ثاني عام 2008 إتفاقاً واسعاً داخل العصبة حول ضرورة وجود حزب جديد.
التحدي الأول الذي واجه القيادة الوطنية بعد إطلاق المناشدة، هو الفوز بدعم وتأييد أكبر عدد ممكن من أعضاء العصبة الشيوعية الثورية لهذا المشروع. تبلورت إتفاقية على نحو واسع ضمن خمسة تيارات شاركت في المؤتمر السابق في كانون ثاني، 2006. وبقي أن نؤكد أن المنظمة مقتنعة بإطلاق العملية. وللنهوض بهكذا مشروع، لا يكفي أغلبية عادية، فلا بد من تأمين دعم واسع النطاق، وعضوية متحمسة. لم يكن ذلك سهلاً حيث أستغرقت وقتاً طويلاً لتجنب أي دور أو توجه خاطيء. ونتج عن ذلك دعم وتاييد أبعد بكثير من توقعاتنا لفكرة بناء الحزب الجديد. ليس ممكناً وصف العملية بالتفصيل، ولكن ننصح بقراءة كتاب فرانكوز كوستال حول الموضوع (3). ركزت التجارب الأولى على العناصر التي من شأنها ضمان نجاح لجان الحزب الجديد. العنصر الأول يتلخص في تمتين وتوسيع النسيج الإجتماعي الذي لم يكن في منال العصبة الشيوعية الثورية. منذ البداية، أعلنت الكوادر النقبية بما في ذلك بعض الجهات على مستوى الدوائر التزامها الكامل في العملية. والمثال الأفضل على ذلك ،مرسيليا، حيث بادرت العصبة الشيوعية الثورية هناك في العملية، وكذلك في إقليم مول هاوس (دائرة هوت راين). في كلتا الحالتين، وجد الحزب المناهض للرأسمالية صدى له بين الجماعات والتيارات المستقلة، والمسارات المختلفة المهتمة التي تبنت المناشدة التي أطلقناها.
العنصر الثاني الذي تم التاكيد عليه في كل مكان هو ظهور الإهتمامات التي يمكن وصفها بالإهتمامات الإشتراكية. ضمن لجان العصبة، كانت لجنة البيئة التي عملت بشكل جاد، ونشرت العديد من المواد الهامة، ولكن هذا المكان الذي أحتله البعد الإشتراكي كان سائداً بين جميع الأوساط منذ البداية. واما العنصر الثالث فيبقى غير ناضج إلا أنه حقيقي، وهو تطور إنتشارنا في الضواحي الشعبية. تؤكد هذه النقطة على الرغم من صغر حجم ما أنجزناه حتى الآن بداية التخلص من الواقع الإجتماعي الذي خلقته العصبة الشيوعية الثورية بوعي منها.
خيار لا رجعة عنه:
مع إجتماع أغلبية عريضة (83%) على أساس تجارب ناجحة، قررنا في مؤتمر العصبة الشيوعية الثورية في كانون ثاني 2008 وضع جميع قواتنا في المعركة. وبتحديد تاريخ تأسيس هذا الحزب الجديد في نهاية 2008 أو بداية 2009(تحديد تاريخ حل العصبة)، كنا نقوم بتبني خياراً لا رجعة عنه، وكنا على علم فيه.
تطورت العملية بشكل حقيقي عام 2008 بالتوجه نحو الحزب المناهض للرأسمالية والإنفصال التدريجي عن العصبة. وعند نهاية الإنتخابات البلدية التي حققت فيها العصبة نجاحاً واضحاً، برز العشرات من اللجان الجديدة في جميع أنحاء فرنسا. ولكن مع حدوث ذلك وبروز ما بين 300-350 لجنة محلية، بقيت قيادة العصبة الشيوعية الثورية هي القيادة الوحيدة التي تدير الهيكلية الوطنية الموجودة. وهذا ما دعانا لتقديم إقتراح بعقد إجتماع وطني لجميع اللجان مع نهاية حزيران 2008.
كان الهدف من ذلك فتح قنوات افتصال بين اللجان المختلفة لتحقيق أمرين: جعل المناشدة التي لم تعد مجرد مناشدة للعصبة الشيوعية الثورية، وإنما لإجتماع لجان الحزب الذي ما زال طور التكون، وأما الأمر الثاني فيتلخص ببناء هيكلية وطنية تقود اللجان حتى يتم الإنتهاء من تأسيس المؤتمر التأسيسي. الأمور صارت بطريقة تفوق توقعاتنا حيث تبنى المناشدة 800 شخص من الموفدين عن 330-350 لجنة وأقاموا التجمع التنظيمي الوطني لتنظيم وتنسيق النشاط الوطني للجان حتى يتم تشكيل المؤتمر التأسيسي. ولا بد من الملاحظة هنا أن العصبة الشيوعية الثورية أختارت في هذا السياق ان تبقى أقلية ضمن هذا التجمع. عقد هذا التجمع إجتماع له لأول مرة في بداية حزيران، ومرة أخرى في آب لخلق ظروف مساعدة لصياغة المسودة الأولى وتنظيم نقاش ديمقراطي بين أعضاء اللجان. وفعلاً تم فتح حوار بين التجمع واللجان. وضعت المئات من التعديلات، ونظم إجتماع وطني للجان في تشرين ثاني فتح الطريق لصياغة جديدة لثلاث وثائق أجري عليها الكثير من التعديلات من قبل اللجان مرة أخرى. هذا الإسلوب الذي مكن المشاركين في العملية تصحيح الوثائق، وتقوية المشروع، ووضع التجارب والمسارات المختلفة أمام الجميع. حدث ذلك بناء على الوثائق، وكذلك ن خلال الأنشطة العملية العامة. كحزب ناشط، تطور الحزب المناهض للرأسمالية تدريجياً، وكون مداخلاته المختلفة. وتدريجياً أيضاً، أستبدل النشاط الكفاحي للعصبة الشيوعية الثورية بنشاط آخر تنفذه لجان مختلفة للحزب الجديد.
توقفت في فصل الخريف العديد من الخلايا، والأقسام التابعة للعصبة عن تدخلاتها السياسية، ولم تعد تناقش في إجتماعاتها سوى قضية حل المؤتمر الذي أخذ يقترب بسرعة.
المؤتمر التأسيسي.
بعد قرار مؤتمر العصبة في الخامس من شباط، في حلها بتصويت الأغلبية العظمى على ذلك، بدأ عمل مؤتمر الحزب المناهض للرأسمالية عمله بشكل متواصل حيث شارك في إحدى الإجتماعات الهامة ما يزيد عن 1000 شخص ضمن 650 وفد. تعاملت اللجان المختلفة مع التعديلات الفتي أجريت على الوثائق الثلاثة (المباديء التأسيسية، القوانين، التوجهات) بكامل الجدية والديمقراطية المباشرةز
لا يمكن تذكر جميع القرارات التي اتخذها المؤتمر التأسيسي للحزب في هذا الإجتماع، ولكن يمكن متابعة جميع الوثائق التي تم تبنيها، وافلام الفيديو التي تم تصوريها على مدار اليام الثلاثة لإجتماع المؤتمر على موقع الحزب على الشبكة الإلكترونية (4). ولكن لنبقى تقليديين بما أن الحزب هو الأول من برنامج كامل، ونتعامل مع بعض العناصر التي تقع ضمن ما نسميه المباديء التأسيسية بإختصار.
لا يعرف الحزب المناهض للرأسمالية نفسه على أنه حزب ثوري، ولكن كحزب يريد إحداث تغيير جذري في المجتمع. البعض يحاول أن يرى خدعة لغوية، ولكن الحقيقة مختلفة تماماً عن ذلك حيث يوجد اكثر من تفسير وفهم لتعبير "حزب ثوري". فالقسم اكبر من الناس يعزون هذا التعبير إلى الثورة الفرنسية، وتجارب حزيران عام 1936، وأيار 1968. يفسر التيار الماركسي الثوري الذي أنضمت له العصبة الشيوعية الثورية هذا التعبير بصورة أضيق. فهو يفهم الحزب الثوري على أنه حزب يملك برنامجاً وإستراتيجية للقيام بثورة. في ظل هذه الظروف آخذين بالحسبان مشروعنا لإحداث تغيير جذري في المجتمع يمكننا تحديد معسكر يشمل هؤلاء الذين لم يتخلوا عن فكرة كسر هذا النظام دون التقدم خطوة أكثر نحو الفرضيات الإستراتيجية لتحقيق هذه الغاية. ولا بد من الإشارة أيضاً أن الإيحاءات الماركسية واضحة جداً في المباديء التأسيسية بما في ذلك علاقتها مع الدولة. يشير مشروعنا بوضوح على أن الدولة ومؤسساتها عبارة عن أدوات للبرجوازية، ولا يمكن توظيفها لخدمة أي تحول سياسي أو إجتماعي، وبالتالي لا بد من قلبها.
الحزب المناهض للرأسمالية يناضل أيضاً من أجل الإشتراكية: تدل المباديء التأسيسية للحزب المناهض للرأسمالية على أن الإجابة على أزمة الرأسمالية العالمية تكمن في معركة يتوقف عليها مستقبل الإنساية، معركة من أجل إشتراكية القرن الواحد والعشرين، والديمقراطية، وحماية البيئة، والمرأة.وبعد التردد ما بين الإشتراكية، والإشتراكية البيئية، وإشتراكية الواحد والعشرين، تم الأخذ بالأخيرة بعد عملية التصويت.
ولكن يبقى البعد البيئي موجود بقوة، خاصة وان المعركة من أجل الإشتراكية إلا بإستمرار وجود الكون....
عالمية الحزب المناهض للرأسمالية، والأممية الرابعة.
الحزب المناهض للرأسمالية، المؤمن بمبادئه التأسيسية، سيعتمد سياسات، وعلاقات دولية خاصة فيه. ولكن لأنه حزب عالمي، ويعلم انه لا يمكن تطوير القوى المناهضة للرأسمالية في فرنسا دون تطوير مماثل لهذه القوى في أوروبا والعالم أجمع، ينفذ الحزب مشروع القوى المناهضة للرأسمالية عالمياً.
الإستنتاج الخاص بالمباديء التأسيسية لحزبنا حول الموضوع لا لبس فيها: يرنو حزبنا إلى ربط نفسه بجميع قوى العالم التي تناضل ضد الرأسمالية. وهذا ما يدفعه نحو الإنخراط في حوار وتعاون سياسي مع القوى الثورية والمناهضة للرأسمالية في العالم بهدف تحقيق قانون لنظام عالمي جديد.
لا بد من فهم من وجود عناصر، في عملية تكريسه المادي، وأسلوب بنائه، وخياراته، مرتبطة بشكل متين مع الواقع السياسي والإجتماعي الفرنسي. لذا لا يمكنه أن يكون نموذجاً من ي نوع.
لا شك أنه تم التعبير في العصبة السابقة عن مخاوف وكذلك في العالمي الرابع. ومع ذلك، يبقى الحزب بعد حل العصبة، مفتوحاً أكثر أمام الأممية الرابعة. .
وحضور العدد الكبير من الوفود الأجنبية لمؤتمر التأسيس خير دليل على ذلك. حضر المؤتمر أكثر من 100 شخص من 70 منظمة موزعة على 45 بلد على مستوى القارات الخمس. تجميع هذا العدد بالنسبة للحزب ممكنً، لأنه يحوي ديناميكيات تحاكي إهتمامات العديد من المنظمات والتيارات العالمية. وجود الأممية العالمية الرابعة المناهضة للرأسمالية وشبكاتها، لما تحقق أمر مما ذكرناه.
ما هي التوجهات المستقبلية من الآن فصاعداً؟ حقق المؤتمر التأسيسي ناجحاً باهراً حيث أن وجود أكثر من 9،000 عضواً يعتبر بالنسبة للحزب قوة يحسب لها حساب على المستوى السياسي في فرنسا. وبالرغم من أهمية المؤتمر كأحد مراحل العملية، لم يكن سوى مرحلة منفردة في عملية بناء وتطوير المشروع. العملية الديناميكية تستمر، وفي غضون ثلاثة أسابيع بعد تأسيس الحزب، أستقبلنا أكثر من ثلاثة آلاف إتصال وطلب للإنضمام إلينا. إن واقع هذا الحزب الجديد، وديناميكيته، وتطورات أزمة الرأسمالية ستقود إلى عمليات تبلور جديدة، وإختلافات داخل قطاعات معينة في الحركة العمالية الفرنسية.
وفي ظل الأزمة البيئية، والغذائية، والإقتصادية، والمالية العالمية، ومدى الأثار الإجتماعية الكارثية الناتجة عن حل الركود العالمي، فإنه يمكن تزايد السخط الإجتماعي. فالحالة التعبوية الهامة آخذة في التطور: خرج 2.5 مليون شخص إلى في كانون ثاني 29، وأعلن موظفوا مؤسسات التعليم العالي إضرابهم إضافةً إلى الإضراب العام في غواديلوب، ومارتييك.
وفي هذه اللحظة، في بداية عام 2009 يطور الحزب المولود حديثاً جبهة سياسية متحدة مليئة بالنشاط.
فهو الذي بادر لإصدار المنظمات اليسارية الإحدى عشر بياناً مشتركاً يدعو لإستمرار حالة التعبئة بعد نجاح مظاهرات التاسع والعشرين من كانون ثاني، ودعم الكفاح في غواديلوب. أن يصبح الحزب أداة داعمة لأوسع أشكال الوحدة تعتبر المهمة اللحظية الأولى بالنسبة له. ولكن بالتوازي، يدافع الحزب عن مواقفه الخاصة فيه، ويطالب برفع الأجور بشكل عام بنسبة 300 يورو التي تترك صدىً واضح في حال تحققت. يعكس الإضراب الذي نظم في غواديلوب، ضرورة هذه المطالب، والصدى الذي حققته على مستوى الجمهور العام، وتحقيق الإنتصارات في هذا المضمار أمرَ ممكن.
كما يعتبر حزيران 2009 تاريخ بالغ الأهمية حيث تجري الإنتخابات الأوروبية القادمة. يسيطر على هذه الإنتخابات الأثار الإجتماعية للأزمة الإقتصادية.
مع إرتفاع معدلات البطالة والتسريح من العمل، غنه لمن الضروري الدفاع عن المشروع الذي يمثل إنفصالاً عن البناء الأوروبي الراسخ منذ معاهدة روما عام 1957 وعن النظام الرأسمالي أيضاً.
لا يمكن وجود تكتيك إنتخابي واحد لسنوات، وآخر لسنوات أخر. لا يعتبر ذلك أمر باعث على السخرية فقط بالمقارنة مع عق الأزمة السياسية والإجتماعي، بل يشجع ردود الفعل البائسة، ويمنع ظهور أي بديل سياسي حقيقي من جهة. ويمكن لهذه الإنتخابات البدء ببناء تحالف مع القوى المناهضة للرأسمالية من الجهة الأخرى.
هذا التحالف الذي يمكن أن يكون محدود أو جزئي في هذه المرحلة يمثل خطوة أولى بالإتجاه الصحيح.
المشاعر المناهضة للرأسمالية، والبحث عن بديل سياسي لهذا النظام السخيف تتطور وتتزايد في هذا البلد. ولكن ندخل هذه المرحلة التي ينقصها الإستقرار بأداة جديدة ببرامجها، ومواقفها التي يمكن من خلالها توحيد الطموح لإنفصال كامل عن هذا النظام. هل يمكننا في الحزب المناهض للرأسمالية الإجابة على جميع الأسئلة السياسية المطروحة في هذه المرحلة؟ الإجابة، لا. لا بد من وجود حزب مناهض للرأسمالية قادر على بناء علاقات مختلفة مع القوى السياسية والإجتماعية. هذا المر يستغرق وقتاً بالرغم من عدم إستبعاد السرعة هنا بسبب الوضع الراهن. ولكن دعونا نضع السؤال بشكل مختلف هذه المرة: هل حققنا، مع نظام الحزب المناهض للرأسمالية خطوة هامة، ودخلنا مرحلة جديدة لتحقيق هذا الهدف؟ دون أدنى شك هذا هو الحال. من أجل حاك نشط حول الحزب لا بد من دمج تقاليد جديدة مصدرا الحركة العمالية الفرنسية، وتشجيع التعبئة من خلال النشطة والمطالب العملية التي نضعها. هذا هو التحدي الحقيقي. المهمة ليست سهلة ولكنها تزرع فينا الحماس ونحن مستعدون لها.
غويلوم ليغارد، عضو سابق في المكتب السياسي للعصبة الشيوعية الثورية، وانتخب للمجلس الوطني للحزب المناهض للرأسمالية في دورة المؤتمر التأسيسي. وهو عضو في اللجنة الدولية للأممية العالمية.
- ملاحظات:
(1) انطلق حزب اليسار في تشرين ثاني 12، 2008 بقيادة جين لوك ميلينشون (عضو برلمان) و مارك دويز (نائب في الجمعية الوطنية). غادر مارك الحزب الإشتراكي وأنضم للجمعية الوطنية، ومجلس النواب. ونظم الحزب الشيوعي الفرنسي المجموعات البرلمانية
في الثامن عشر من تشرين ثاني شكل حزب اليسار بالتعاون مع الحزب الشيوعي الفرنسي جبهة يسارية أخرى لأوروبا ديمقراطية إشتراكية للعمل ضد التوقيع على معاهدة ليزبون، والمعاهدات الأوروبية الحالية، وكذلك من أجل الإنتخابات الأوروبية لعام 2009.
وانضم لصفوف الحزب اليساري عضوي برلمان آخرين، جاك ديسالانغر (نائب وعمدة بلدية تيرنير، وفرانك أوتين (عضو في مجلس النواب). عقد هذا الحزب لقاءه الول في تشرين ثاني 29 بحضور أوسكار لافونتين (وداي لينك، ألمانيا)، في كانون ثاني 30- شباط1، 2009 أنعقد مؤتمر إنطلاقته بحضور 600 موفد. تبنى في إجتماعه نظام الحزب، والإجراءات الطارئة إستجابةً إلى الأزمة الإقتصادية، وكذلك قرارا خاصاً في الإستراتيجية الإنتخابية.
أعلن المؤتمر الذي سيناقش برنامج حزب اليسار في خريف 2009.
(2) تسس التيار الديمقراطي عام 2007 بقيادة فرانك باريو (الذي كان رئيساً لإتحاد الديمقراطية الفرنسية حتى تلك اللحظة) بعد الإنتخابات الرئاسية التي وقف فيها فرانك ضد ساركوزي. التيار الديمقراطي يعرف نفسه على أنه أوروبي مركزي وليبرالي إشتراكيويشمل أيضاً جزءاً من اليمين الليبرالي الذي رفض الإنضمام لحزب ساركوزي.
No comments:
Post a Comment