التيار الوطني الديمقراطي التقدمي
ورقة مقدمه من: فريد مره
حزيران / 2009
مقدمه:
إن التجزئة والتقسيم للأمة العربية وتأجيج الصراعات الداخلية بين و داخل الأقطار العربية الأقطار العربية ,وتقديم الدعم المطلق لإسرائيل لتكون القوة العسكرية الأولى بالمنطقة ما هي إلا إستراتيجية تاريخية وعملية ممنهجة من قبل الاستعمار الغربي.
وقد مرت هذه العملية بعدة مراحل تاريخية بداية بتقسيم الوطن العربي إلى أقطار وتأجيج الصراع بينها مما أدى إلى هزيمة شعارات الوحدة والتحرير. والمرحلة الثانية هو تأجيج الصراعات داخل الأقطار العربية ذاتها مثل الجزائر والسودان والعراق ولبنان مما يؤدي إلى أعاقة تطورها ونموها ومنعها من امتلاك عناصر القوى الذاتية.
وفي الحالة الفلسطينية ارتفع الصراع الداخلي وتوسع حتى أصبح يشكل خطرا حقيقية على انجازات الثورة الفلسطينية المعاصرة وعلى المشروع الوطني برمته.
بدأ الأزمات والصراعات الداخلية ترتفع مع بداية التسعينات والتي ترافق ذلك مع انهيار المعسكر الاشتراكي وغزو العراق وخروج الفلسطينيين من الكويت، وبدأ طرح المشاريع السياسية ابتداء من مدريد وانتهاء باتفاقية أوسلو، ونحن لسنا بصدد نقاش هذه المشاريع، وإنما للتعرف على موقعها من قضية الوحدة والصراع الداخلي الفلسطيني.
إن السلطة الفلسطينية التي تشكلت نتاج ذلك جاءت متخمة بالصراعات والخلافات الداخلية بشكل شمولي؛ والسبب الرئيس هو أن سقف الحقوق الوطنية أعلى بكثير مما تمنحه اتفاقات أوسلو، إضافة إلى عدم قناعة الكثيرين وقلق معظم الشعب من أن طريق أوسلو لن تنتهي إلى الحد الأدنى من حقوق الشعب حيث وصلت الخلافات الداخلية في النهاية وبالرغم من الانتخابات الديمقراطية إلى مستوى الحرب الأهلية ، وأصبحت هذه الصراعات تشكل خطرا حقيقيا على المشروع الوطني برمته .
إن حالة الانشقاق والتشتت هذه في الساحة الفلسطينية شمولية وإن كان أبرزها بين فتح وحماس،أيضا تأثرت القوى اليسارية أو الديمقراطية رغم أن هذه القوى تاريخيا استطاعت أن تقوم بدور فاعل ومؤثر وعلى جميع الأصعدة، وكان أثرها على القرار الفلسطيني حاضرا وفاعلا ، ولكنها أيضا عاشت حالة من الأزمات والصراعات والانشقاقات والانسحابات لكوادرها وأعضائها مع أن التحديات تتطلب وحدتها وتلاحمها لتنتهز فرصتها التاريخية لتكون البديل الوطني والديمقراطي الحقيقي، وبدلا من ذالك أصبحت هامشية واقرب إلى التابع أو الواعظ دون أي تأثير حقيقي في القرار الفلسطيني، وتركت الساحة مفتوحة أمام القوى الدينية لتلعب دور البديل، وهنا تكمن مسئوليتها التاريخية التي تخلت عنها ، إضافة إلى كل ذلك جرت محاولات متعددة للوحدة باءت جميعها بالفشل ، و التجارب الفاشلة أضافت عائقا جديدا لعوائق الوحدة .
إن هذا الواقع فرز الساحة الفلسطينية إلى ثلاث قوى رئيسية وهي:
- فتح وهو قوة موجودة ومنظمة ولها مؤسساتها ودورها وتأثيرها واضح على القضية بغض النظر عن حجم خلافاتها الداخلية.
- حماس وهي أيضا موجودة ومنظمة ولها مؤسساتها ودورها و تأثيرها الواضح على القضية.
- والثالثة هي قوة الوطنيين الديمقراطيين، وهذه قوة موجودة ولكن مشتتة ومجزئة وبالتالي هامشية وغير فاعلة، وبالرغم من الضرورات الموضوعية والوطنية لضرورة توحدها والفرص العليا الداعمة لهذا التوحد إلا أن عدم التوحد يعود بالأساس لعوامل وأسباب ذاتية .
نطرح هنا المبادئ والأسس والآليات والخطط من اجل توحيد هذه القوى لتكون فاعلة وقادرة على تأطير الجماهير وتفعيل دورها بهدف حماية المشروع الوطني والمشروع الديمقراطي والتقدم باتجاه تحقيق أهداف شعبنا الوطنية والديمقراطية.
ونحن لسنا بصدد تجميع مكونات التيار الوطني الديمقراطي وإنما بنائه على الأسس التالية:
أولا : الاستفادة من التجارب السابقة للتوحيد والتفعيل والبناء عليها بشكل علمي ومدروس محترمين ومستثمرين للتراث الوطني الديمقراطي التقدمي، ودليلنا العملي لهذا التوجه عقد هذا المؤتمر .
ثانيا: إن دروس الماضي علمتنا أن الذاتية والفئوية والعصبوية والفردية والعشائرية والحسابات الشخصية والفوقية والمنهجية الإستخدامية أو الاستثمارية للجماهير والاستفراد والهيمنة والانشقاق والتجزئة والتفتيت والتقسيم والتخريب ونهج المحاصصة والكوتة والإقصاء والتغييب والتكفير والتخوين والتبعية والتهميش للجماهير ومنهجية التفريغ لمضمون البنى الشعبية وتعزيز ثقافة القبول بالشكل والتنازل عن المضمون ، هي أمراض تفشت في جسد الحركة الوطنية الفلسطينية .
ثالثا: الالتزام بمبدأ الوحدة مع الخلاف، والتحدي أمامنا كيف نتوحد ضمن برنامج ومنهج عمل متفق عليه ونتعايش مع وجود خلافات وذلك ضمن مفهوم أنه لا وحدة حقيقة فاعلة بغياب الاختلافات الداخلية والاجتهادات المتعددة وأن الاجتهادات المختلفة والخلافات لن تكون فاعلة وذات اثر حقيقي بغياب الوحدة .
ولتحقيق هذا المبدأ علينا انجاز ما نتفق عليه وأن نتحاور بما نختلف عليه على أرضية الوحدة، وذلك من خلال العمل المشترك بالميدان.
إن مساحة المتفق عليه إن كان اجتماعيا أو ديمقراطيا أو سياسيا أو وطنيا واسعة لذا علينا استثمار الجهود باتجاه تحقيق الأهداف المشتركة وعلى جميع المستويات وبما يكفل عدم الانحراف عنها.
رابعا: العلاقة مع الجماهير ، نؤكد أن هامشية القوى اليسارية لن تتحول إلى قوى فاعلة ومؤثرة إذا كان دور الجماهير هامشيا . فالعلاقة بين القوى اليسارية والجماهير علاقة عضوية جدلية تنتفي الأولى بنفي الثانية، وبالتالي المطلوب التلاحم مع الجماهير وتفعيل دورها بناء على الأسس التالية:
1. الثقة بالجماهير:
إن الثقة بالجماهير شرط أساسي نحو التغير الثوري، الثقة بأنها تمتلك القدرة على المعرفة والتفكير وأنها صاحبة المصلحة الأولى والمعني الأول الحريصة والقادرة على التغيير .
2. مشاركة الجماهير:
إن مشاركة الجماهير الشاملة بالتفكير والممارسة وفي تحمل النتائج ورفض مبدأ الإنابة عنها ورفض سمة الإتكالية عليها، انطلاقا من حقيقة أن اكثر الناس قدرة وكفاءة واستعدادا وإبداعا لحل مشاكلهم هم أصحاب المشكلة، وإن غياب أية فئة عن دورها وموقعها هو غياب الحل لمشكلتها. ومن هنا فإننا نعمل مع الجماهير من اجل أن تصبح تلك الجماهير قادرة على استخدام قوتها على أساس الأيمان بضرورة الكفاح مع الشعب من اجل الشعب وليس لكسب الشعب أو استخدامه.
3. كسب ثقة الجماهير:
لكسب ثقة الجماهير وليس كسب الجماهير فإننا نعمل على بناء العلاقات الأفقية معها، وإجراء الحوار المفتوح القائم على الاحترام والتقدير والحب والتواضع والاهتمام والثقة والندية والمساواة، مؤمنين أنه لا يوجد من يمتلك الحقيقة كاملة ولا يوجد من لا يمتلك شيئا من الحقيقة.
4. بناء اتحادات جماهيرية حقيقية:
إن بناء اتحادات جماهيرية تعبر عن هموم ومشاكل وطموحات جمهورها مبنية على مشاركة جمهورها بالتفكير والتخطيط والتنفيذ وتحمل المسؤولية، ويتأتى ذلك من خلال تشكيل نواة أو أنويه من القوى الديمقراطية التقدمية تعمل على الدعوة لحوار مفتوح ومباشر مع كل المعنيين بهذا القطاع آخذين بعين الاعتبار خصوصية القطاع ومحددين دوره الوطني والديمقراطي والاجتماعي والمهني المعبر عن مصلحة الكل.وهذا البناء يؤدي إلى تمثيل حقيقي للجماهير عند القوى السياسية وليس انعكاس تمثيلي للقوى السياسية في الاتحادات الجماهيرية.
خامسا: العمل مع ومن أجل الجميع أو الكل وليس الجزء أو الفئة، إن الذاتية والفئوية أدت إلى حل مشاكل فئة من الناس، وليس كل الناس، وتؤدي إلى حل مشاكل عمال وليس كل العمال، مزارعين وليس كل المزارعين، معلمين وليس كل المعلمين، طلاب وليس كل الطلاب، موظفين وليس كل الموظفين ...... الخ. ونتاج ذلك تفشت أمراض شراء الذمم والمحافظة على المكاسب الفردية على حساب المصلحة الوطنية العليا وتغليب الولاء على حسن الأداء في المؤسسات وانتشار الفساد الإداري والمالي .
وبالتالي نؤكد أن الوطن للجميع والعمل للجميع والبلد للجميع والصحة للجميع والوظائف للجميع.
سادسا: تحديد التخوم ( الأهداف العامة ) وأن يتم الفرز الواضح في جميع المجالات:
- بين من هو وطني شكلا ومضمونا والمتمسك بالأهداف الوطنية والذي يضع البرامج والخطط ويمارس ويراكم باتجاه تحقيق الأهداف، و بين من يتاجر ويضلل ويتمسك في الشكل وليس بالمضمون.
- بين من يراهن على الشعب والجماهير وبين من لا يثق بالشعب و يراهن على قوى خارجية.
- بين من يحترم ويمارس المقاومة وبين من يستهتر ويدير الظهر ويدين المقاومة .
- بين من يؤمن بان حل المشاكل الداخلية يجب أن يكون بأسلوب ديمقراطي سلمي وبين من يؤمن بالأسلوب الدموي اوالتامري.
سابعا: الديمقراطية الشعبية :
القائمة على أن الجماهير الشعبية تمتلك الحقيقة، وإشراكها الحقيقي في صنع القرار هو المقدمة لمشاركتها الجدية والفاعلة في الدفاع عن قضاياها المباشرة، فالمساءلة والشفافية والحوار والاجتماعات المفتوحة ولجان الأحياء وكل أشكال المشاركة الشعبية هي المقدمة لمقاومة شعبية وديمقراطية شعبية .
ثامنا: الاهتمام بالتضامن الشعبي الدولي وتفعيله :
من منطلق أن الوضع الرسمي العالمي وخاصة بعد انهيار السوفييت أصبح بالنسبة لنا مجافيا، وان تحالفنا الاستراتيجي هو مع الشعوب والحركات الشعبية التقدمية العالمية والتي من خلال التعاون والتنسيق والتكامل معها نستطيع أن نشكل قوة عالمية ضاغطة على الاحتلال.
تاسعا: اعتماد مبدأ التمويل الشعبي والوطني و التمويل غير المشروط من اجل حماية استقلالية القرار والقدرة على تنفيذ البرامج والمهام المطلوبة دون وصاية من أحد .
عاشرا: إعداد خطة عمل تنفيذية والعمل عليها بناء على الأسس التي ذكرت وسوف تتمحور الخطة حول الأهداف والمهام الرئسية التالية:
1. تنظيميا:
o العمل على بناء قاعدة و لجان متابعة للتيار في جميع المحافظات .
o العمل على بناء قاعدة و لجان متابعة للتيار في جميع القطاعات .
2. وطنيا - المساهمة في بناء وتفعيل وتوحيد الأجسام الخاصة بالقضايا الوطنية العامة:
o حق العودة (المحافظة على وتفعيل لجان حق العودة ووضع الخطط والمهام المتواصلة والمستمرة من اجل تثبيت هذا الحق من العبث به )
o مقاومة بناء جدار الفصل العنصري والاستيطان .
o تفعيل وتطوير المقاطعة ورفض التطبيع .
o مقاومة تهويد القدس .
o الاهتمام بأسر الشهداء وقضايا الأسرى .
3. ديمقراطيا - المساهمة في بناء وتفعيل وتوحيد الأجسام الخاصة بالقضايا والحقوق الديمقراطية:
o المحافظة على الحريات العامة بكافة أشكالها.
o تشكيل لجان حماية المستهلك. - سيادة القانون – محاربة البطالة - صندوق الطلبة.
* ملاحظة : إن العمل على جميع هذه القضايا موجود ولكن ليس متكاملا ولا يوجد ضمن إستراتيجية وطنية موحدة وسوف نعمل على محاولة توحيده .
4. دوليا: بناء شبكة من العلاقات الدولية والتضامن الدولي والعمل على تكامل وتوحيد ما هو موجود.
No comments:
Post a Comment