Wednesday, July 1, 2009

تجارب توحيد الأحزاب والحركات اليسارية في باراغواي

ورقة مقدمه من: جوان استبان سنتوريون

أمريكا اللاتينية – البراغوي

حزيران / 2009

1- نبذة تاريخية

2 - نهاية 61 عام من الحزب الملون

3 - اليسار المشتت

4 - التحديات الحالية لليسار في باراغوي

نبذة تاريخية

منذ نهايات القرن التاسع وبعد أن عانت الباراغوي من الحرب الثلاثية وضد التحالف الثلاثي (1870-1965) تم تكوين نظام الحزبين في البلاد ، الحزب الملون والحزب الليبرالي ، وكلاهما حزبان يمثلان الطبقات العليا في المجتمع،، وقد تبادلا السلطة منذ تأسيسها في العام 1887 وكانا يمنعان أي محاولة لتشكيل حزب أو جهة ثالثة بحيث تستطيع منافستهما في السيطرة على الحكم السياسي.

ومنذ ذلك الوقت تشكلت في الباراغواي فترتين من السيطرة الطويلة للحزب الملون على الحكم حتى الحاضر ( من عام 1887-وحتى العام 1904 ومن عام 1947 وحتى عام 2008) وفترة من سيطرة الحزب الليبرالي على الحكم ( من عام 1904 وحتى عام 1936 ومن عام 1937 وحتى العام 1940) ووجدت فترتبين استثنائيتين (من تاريخ 17 شباط سنة 1936 وحتى 13 آب سنة 1937 ) والحكم العسكري لآخنيو مورينييغو والذي امتد من العام 1940 وحتى 1947م.

منذ عام 1947 استمر الحزب الملون في الحكم حتى عام 2008 ، وهذا يشمل 35 سنه من الديكتاتورية العسكرية ،مما ساعدها في السيطرة على جزء كبير من السلطة وخاصة السيطرة على كل بنية الدولة ويشمل ذلك السلطة القضائية والقوات المسلحة.

خلال هذه المدة الطويلة من حكم الحزبين ، لم يتمكن اليسار تشكيل مجال سياسي أو بديل له دورة وأثرة وكانت ملاحقة اليسار واضطهاده الدائم من قبل السلطات قد أدت إلى قطع التواصل التاريخي للاشتراكية الباراغوايانية ، وهذا ما يبرر ظهور عدة منظمات وقوى على مدار التاريخ ولكن دون أن يكون لها الأثر الفعال أو تجميع للتجارب التاريخية.

مؤخراً ومنذ سقوط الحكم الديكتاتوري لالفردو سترواسنير (1989) ولانفتاح الديمقراطي الذي تبعه يمكن ملاحظة مشاركة اليسار في الانتخابات ، ومنذ ذلك الوقت ظهرت عدة منظمات توفر تنوع إيديولوجي والذي يمثل الوسط اليسار وحتى اليسار الراديكالي وهذا الأخير يمتنع على المشاركة في الانتخابات كليا . وجزء مهم من هذا اليسار يشارك وبشكل رئيسي في مسيرة التغيير التي تعيشها الباراغواي حالياً.

بتاريخ 20 نيسان الماضي احتفل بمرور 12 شهرا على الفوز التاريخي للأب السابق فرناندو لوغو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة . وبعد مرور عام على هذه الحكومة ، فان المشهد السياسي الباراغواياني يمر بصعوبات كبيرة وملغم بمصائد لكي لا يتم المباشرة بالتغيير الذي وعد به في الانتخابات الأخيرة .


نهاية 61 عام من الحكم الملون

إن فرناندو لوغو كان الشخص الذي تمكن من جمع اليسار والحركات الشعبية والمنشقة في عدة قطاعات ، وذلك من خلال مشروع تحول اجتماعي والذي يمكن وصفه بأنه وسط يسار . إن نضال العمال والفلاحين والطلاب ورباب المنازل وقطاعات من أصحاب الشركات كانت النقاط التي توجه برنامج كم فرناندو لوغو ، والذي يأمل أن يتجاوز الإدارة السيئة للشأن السياسي للحكومات السابقة ، وهذا شكل آمل مهم في ديمقراطية تعمل لدعم السياسة الاجتماعية.

لقد برز الأب لوغو على الساحة الوطنية عندما كان يشغل منصب ارشمندت في سان بدور ، حيث تعتبر هذه المنطقة واحدة من أكثر المحافظات فقرا في الباراغواي ، وبرز بالتزامه ومساندته لنضال الفلاحين اللذين قاوموا الغزو الكبير للمزارعين لكبار من وطنيين وبرازيليين ، وكثير من القطاعات الشعبية اليسارية تعتبره مرجع للتحركات الشعبية ، مما دفع عدة حركات اجتماعية إلى دعم ترشحه للانتخابات الرئاسية في العام 2008 ، ونال هذا الاقتراح بعد ذلك دعم من قبل قطاعات محافظة والأحزاب التقليدية .

وعليه كان هناك قطاعات مهمات في دعم ترشح فرناندو لوغو للرئاسة، من طرق المعسكر الاجتماعي والشعبي والذي كان يجمع التحركات الشعبية ومنظمات اليسار ، ومن الطرف الآخر التجمع الوطني الذي كان يمثل أحزاب اليمين الموجودة في المعارضة . وباتحاد القطاعات نشأه التحالف الوطني من اجل التغيير والذي منح لوغو المنصة السياسية في الانتخابات.

لم يشارك اليسار كله في هذا التحالف ونما شارك أغلبيته في هذا التحالف ، وكانت القطاعات والأحزاب التي شاركت متعددة من وجهة النظر الإيديولوجية ولكنهم تمكنوا من توحيد جهودهم على أساس الإجماع على تعميق الديمقراطية وإعطائها مضمون اجتماعي ، وكان يشكل جزء من الأحزاب التقدمية واليسارية في التحالف الحزب الثوري فيبريريستا والحزب الديمقراطي التقدمي ، وحزب اللقاء الوطني ، وحزب دولة تضامنية وحزب الجبهة الموسعة والحركة الشعبية تيكوخوخا وحزب الحركة من اجل الاشتراكية.

بالرغم من اتفاق هذه القطاعات المختلفة في اليسار على تأييد ترشيح لوغو للرئاسة ، فإنها لم تتفق على مل موحد ولم تشكل قوائم برلمانية واحدة لخوص الانتخابات للبرلمان.

ولكن وبالرغم من التوجيهات الايدلولوجية المختلفة لهذه القوى ، فانه في انتخابات 2008 لم نستطيع فهم تشتت اليسار على أساس الاختلاف في المبادئ السياسية ، فكل الأحزاب اليسارية التي وقعت على وثيقة تأسيس التحالف الوطني من اجل التغيير كانت متفقة على كل النقاط الأساسية للحكومة واتفقت على الدفاع عنها وأهمها : إعادة إحياء النشاط الاقتصادي ، الإصلاح الزراعي ، استعادة بناء مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد وبناء جهاز قضائي مستقل واستعادة السيادة الوطنية.

والاختلافات الرئيسية ظهرت عند تشكيل القوائم ، حيث انه في الباراغوي يتم إتباع نظام القوائم الانتخابية المغلقة وترتيب موقع المرشحين في هذه القوائم يعلب دور مهم للوصول إلى المنصب الانتخابي ، وعند ووصلها هذا الموقع الانتخابي لم تتفق الأحزاب اليسارية على تحديد أسس ديمقراطية وتمثيلية وغير شخصية لتشكيل القوائم مما أدى إلى التشتت والمواجهة.

وكانت نتائج هذه الانقسام واضحة ، فان الأصوات المتفرقة التي حصل عليها اليسار لم تسمح له بتمثيل سياسي في البرلمان مساوي لما كان سيحصل عليه لو كانت الأصوات موحدة.


اليسار المتشتت

إذا أخذنا بالحسبان مجموع أصوات اليسار التي دعمت فرناندو لوغو في قوائمها لمجلس الأعيان نرى إنها وصلت إلى 169668 صوت ، ومع الأخذ بالحسبان الأحزاب اليسارية الرئيسية التي دعمت ترشيح لوغو حسب مستوى التصويت لها : الحزب الديمقراطي التقدمي والحركة الشعبية تيكوخوخا وحزب الوحدة الشعبية وحزب الحركة من اجل الاشتراكية وحزب الدولة المتضامنة وهذا يشكل 9% من مجموع الأصوات على مستوى الوطن ، ولكن وبما أن نظام الانتخابات في باراغواي يعمل لصالح الأغلبية فان التشتت جعلت اليسار يحصل فقط على 3 مقاعد في مجلس الأعيان من أصل 45 عضو يكونون المجلس ، فقد حصل حزب الدولة المتضامنة على مقعد واحد وحزب الحركة الشعبية تيكوخوخا على مقعد واحد والحزب الديمقراطي التقدمي على مقعد واحد . ويعمل حساب بسيط نستطيع التأكيد على انه لو تم خوض الانتخابات في قائمة موحدة كان من الممكن الحصول على 6 مقاعد في مجلس الأعيان ، وهذا يعني مضاعفة التمثيل الموجود حاليا. وكذلك فان التشتت في اليسار لم يؤثر فقط على عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات أو تقليل فرص التأثير في المسيرة السياسية الحالية ، وإنما كان له آثار على مستوى الجدال في الحملة الانتخابية وخاصة في قدرة وقوة اليسار بشكل عام في مواجهة القاعات المحافظة والتي تمثل اليوم حلفاء مركزيين في الحكومة وهذا يعني التأثير في عمل ووضع السياسات المحافظة وتقديمها على السياسات ذات الصفة التقدمية والشعبية .

إذا ما قمنا بعمل نفس التحليل بالنسبة لنتائج عاصمة البلاد فان تشتت اليسار يعطينا مؤشرات أكثر وضوحا ، ففي العاصمة لااسونسيون تمكن اليسار من الحصول على ممثل واحد في مجلس الناب ، ولكن إذا حللنا المجموع الكلي الأصوات لهذه الأحزاب ، الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب الحركة من اجل الاشتراكية ، وحزب الوحدة الشعبية والحركة الشعبية تيكوخوخا والدولة المتضامنة فان مجموع الأصوات يتجاوزه فقط ما حصل عليه الحزب الملون والذي يشكل القوة السياسية الأولى في العاصمة ، في مصطلحات التمثيل البرلماني ، فان مجموع الأصوات هذه يؤهلها للحصول على حوالي 3 مقاعد في مجلس النواب من أصل 9 مقاعد محدده لهذه الدائرة لااسونسيون وهو ما يمثل نسبة 16% .


التحديات الحالية لليسار في الباراغواي

لكن التشتت في معسكر الأحزاب اليسارية والتقدمية لم يؤثر على نتائج الانتخابات فقط وإنما يؤثر كعامل معيق في حالة تحديد وتعيين الموظفين والمناصب في السلطة التنفيذية وفي اتجاه السياسات التي سيتم إتباعها وتطبيقها من قبل هذه السلطة . وكذلك فان التشتت قلل من المقدرة على القيام بالتحركات الشعبية لهذه الأحزاب المحافظة والتي تشكل الأغلبية حاليا في مختلف قطاعات الدولة.

بعد مرور حوالي 13 شهر من الانتصار الانتخابي في 20 نيسان ، فان الشعب الباراغواي يمتلك الفرصة في أن يكون البطل الحقيقي ومحدث التغيير ، التغيير المشترك والديمقراطي مع معرفة الوضع السياسي الوطني والإقليمي وبمعرفة الحاجة إلى توحيد الجهود ، فقد تم يوم الجمعة الماضي الموافقة 19 حزيران الحالي عقد المؤتمر الوطني الاتحادي للأحزاب والحركات اليسارية في باراغواي فيما اعتبر خطوة تاريخية لمنح الشعب بديل وأداة تمثل كل طبقات الشعب ومصالحها الخاصة . إذا كان هدفنا الأخير هو إنهاء النموذج الرأسمالي فانه يجب علينا الأخذ بالحسبان أهمية هذا الاتحاد لتوجيه نضال هذه الأحزاب للتغلب على النظام الرأسمالي .

إن بناء السلطة الشعبية هي غاية أعمالنا وأفعالنا ، بناء وسائل وآليات نضال ضد استغلال الشعب لم تكن مهمة تم ابتداعها منذ أيام وإنما هي ثابتة من خلال تجارب طويلة لأجيال كاملة ، وعليه لا نستطيع القول إنها اكتشافنا الرائع . وأحداث الانتخابات الأخيرة تؤكد على انه دون الوحدة لا نستطيع التقدم باتجاه التحول الحقيقي في الباراغواي . هذا هو التحدي التاريخي التي يمليه علينا الحاضر ، فنحن أبناء نضال طويل لصق الإنسانية .؟ ماذا تم عمله وماذا لم يتم عمله؟ ومع معرفتنا لهذا التاريخ ومعرفتنا من خلاله لاستمارتينا نستطيع الإجابة على تساؤلاتنا ابتداء من النضال للوصول إلى التغيير والتحول الاجتماعي.

No comments:

Post a Comment